بعد إنتهاء العدوان على غزة والذى استمر 23يوما . توقفت للحظات استعرض فيها شريط التاريخ, فرأيت كيف كنا وكيف صرنا وشتان شتان بين الإثنين. قال الشاعر:
إني تذكرت والذكرى مؤرقةٌ****** مجدًا تليدًا بأيدينا أضعناه
أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلدٍ***** تجده كالطير مقصوصًا جناحاه
كم صرّفتنا يدٌ كنا نُصرّفها******* وبات يحكمنا شعب ملكناه
هـل تطلبون من المختار معجزةً****** يكفيه شعبٌ من الأجداث أحياه
من وحَّد العرب حتى صار واترهم***** إذا رأى ولدَ الموتور آخاه
وكيف ساس رعاة الشاة مملكةً ******ما ساسها قيصرٌ من قبل أو شاهُ
ورحَّب الناس بالإسلام حين رأوا****** أن الإخاء وأن العدل مغزاه
يا من رأى عمرَ تكسوه بردته****** والزيتُ أدمٌ له والكوخُ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقًا***** من بأسه وملوكُ الروم تخشاه
سل المعالي عنا إننا عربٌ****** شعارنا المجد يهوانا ونهواه
هي العروبة لفظٌ إن نطقت به***** فالشرق والضاد والإسلام معناه
استرشد الغربُ بالماضي فأرشده *****ونحن كان لنا ماضٍ نسيناه
إنّا مشينا وراء الغرب نقبس****** من ضيائه فأصابتنا شظاياه
بالله سل خلف بحرالروم عن عرب**** بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها**** عمّن بناه لعل الصخر ينعاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به******* فحين جاوزَ بغداد تحداه
هذي معالم خرس كل واحدة منهن ******قامت خطيبًا فاغرًا فاه
الله يشهد ما قلَّبت سيرتهم يومًا****** وأخطأ دمع العين مجراه
ماضٍ نعيشُ على أنقاضه أممًا***** ونستمد القوى من وحيِ ذكراه
اللهم قد أصبحت أهواؤنا شيعًا***** فامنن علينا براعٍ أنت ترضاه
راعٍ يعيد إلى الإسلام سيرتُه****** يرعى بنيه وعين الله ترعاه
فمنذ أيام كانت البوسنا والهرسك ومنذ أيام كانت أفغانستان وباكستان وبالأمس العراق واليوم غزة ترى فمن القادم؟!
دروس وعبر:
أولا: موقف الحكومات العربية مما حدث فى غزة ولن أطيل النفس فى الكلام عن حكوماتنا العربية ولكن أقول اللهم إنا نعتذر إليك مما صنع هؤلاء حتى من تكلم منهم فالأمر يحتاج إلى أفعال أكثر من الأقوال.
ثانيا: عن أى جهاد يتحدثون!
لا يستطيع جاهل فضلا عن عالم أن ينكر فرضية الجهاد فى وقت إحتلال أى جزء من أراضى المسلمين ولكن أثبتت تلك المحنة أننا لسنا مؤهلين للجهاد. وقد تعالت الأصوات بالجهاد ولكن كم واحد سيثبت من هؤلاء؟ وهل حقا جا هدنا أنفسنا أولا لنستعد للجهاد؟ أم أننا لازلنا نجاهد أنفسنا على صلاة الفجر وصلاة الجماعة؟ ومازال حب الدنيا يملأ القلوب. فبالله عليكم كم أب ربى ابنه على الجهاد والطاعة لله ورسوله بل ومن منا يستطيع دفع أبنائه للجهاد كما فعل الصحابة وكأنى بالشاعر حينما قال:
قال غزة تنادي اين الرجال اين احفاد خالد وسعد وبلال؟
حفاظ سورة التوبة والأنفال أسود النزال أبطال القتال
قلنا: هؤلاء ماتوا من زمان وخلف من بعدهم خلف لهم همم ضعيفة واهتمامات سخيفة واحلام خفيفة
قال فأين أهل البسالة والشجاعة والإباء؟ ولماذا تغير الأبناء عن الأباء؟
قلنا: الأباء كانت بيوتهم المساجد مابين راكع وساجد وصائم وعابد وخاشع وزاهد
أما الأبناء فبيوتهم المقاهى ما بين ساه ولاهى ومن بماله يباهى ومن وقع فى الدواهى إلا من رحم إلهى
كنا أسودا ملوك الارض ترهبنا***والان اصبح فأر الدار نخشاه
وكأنى بقول النبى صلى الله عليه وسلم:يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ، قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن، قال: حب الدنيا وكراهية الموت )
وكأن النبى بيننا ويصف حالنا فحقا يارسول الله انشغل القلب بالدنيا وما استعددنا حقا للجهاد. وبعد فإن هذا ليس فقدان للأمل ولكنه من باب تصحيح الأوضاع ولنلزم الطريق الصحيح (وعجلت اليك ربى لترضى).
ثالثا:إزددنا بصيرة على بصيرة فى اليهود وقول الله فى كتابه عن اليهود.
قال تعالى:" لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍبَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ " الحشر-14
فهم لا يحاربون أبدا وجها لوجه ويختبئون دائما وراء الدبابات والصواريخ والطائرات وسبحان الله يرعبون بقطعة حجر.
تأكدنا أيضا من أنها حرب صليبية على الإسلا فلا اليهود ولا أمريكا ولا مجلس الرعب قادرون على فعل أى شىء لأهل غزة لأن الكفر دائما ملة واحدة. قال تعالى
وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ).
رابعا: من المحن تأتى المنح:
يبتلى الله عز وجل المؤمنين بالمحن لكى ينفروا إلى الله عز وجل ويعودوا إليه ويتوجهوا إليه يالدعاء وليعلموا أنه لاملجأ من الله إلا إليه
وانه هو المعين والناصر . قال تعالى:{إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ }آل عمران160
ولهذا فالمحن تأتى لترتيب الأوراق وإعادة التوجيه قال الله تعالى {وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ }آل عمران141
فمع كل محنة دائما محنة واكثر منحة استشعرها فى تلك الأيام هى وحدة الصف التى كان عليها المسلمون وإلتفاتهم حول القضية.
خامسا : النصر قادم.
حتما لاشك ولا ريب فى وعد الله عز وجل فالنصر حتما قادم قال تعالى
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }البقرة214
وقال تعالى
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).
فالنصر قادم بإذن الله
وأخيرا فلنعيش لحظة صدق مع أنفسنا. ولنكن كقلب رجل واحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
دمتم فى حفظ الله